الهدى 1252-1253 يناير وفبراير 2024
«عَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ»، عبارة تَغنى بها الملائكة وهُم يُبشِّرون الرُّعاة، وهي أُمنيّة طالما تاق إليها الإنسان، وكثيرًا ما نجِدُ صدى هذه الأنشودة يتردد في زمن «عيد الميلاد»، ووقت النِّزاعات والحروب التي تخوضها الدُّول، وتدفع الشّعوب ثمنًا غاليًا لتلك النِّزاعات، وليس بعيدًا عنَّا ما يحدث في غزة، وأوكرانيا، وقد يتطلع الجميع إلى حلٍ سياسيّ، يأتي بالسّلامِ للعالم، لكنَّ التّاريخ يشهد، إنَّ هذا الأمر يبدو بعيد المنالِ.
وإذا التفت الإنسان إلى ذاته أو إلى دوائر علاقاته الأقرب، فإنَّه لن يجد السّلام الذي يرجوه، ويتوق إليه، فكثيرٌ من أخطاء الماضي يقض مضجعه، ويُنغص عليه حاضره. أمَّا إذا التفتنا إلى العلاقات مع الآخرين، فلن نجد الأمر أكثر إشراقًا، فمنذ أول إنسان في الوجود والعلاقات الغَيريِّة شائكة، وربما قاتلة أيضًا. ويظلُّ التّساؤل عمَّا إذا كان «السَّلامُ عَلَى الأَرْضِ» مجرد احتمال قائم.
فإلى أين يُمكننا أنْ نتجه بحثًا عن «السّلام؟» وإذ نحتفل في هذه الأيام ونُعيِّد «عيد ميلاد المسيح»، هل فكّرت في التّطلع لرؤيّة ما قاله يسوع المسيح كحلٍ للسّلامِ؟
لقد جاء يسوع، ليستعيد علاقتنا مع الله حتى نتمكن أوّلاً من اختبار السّلام مع الله، ومن ثَمَّ مع أنفسنا والآخرين.
«مع يسوع ومن خلاله فقط»، نجد السّلام مع الله. لقد جاء ووُلِدَ ليعيش الحياة بشكلٍ مثاليّ، ومات بدلاً عنّا ليدفع ثمن خطيتنا. لقد صنع بموته سلامًا بين طبيعتنا الخاطِئة وطبيعة الله المُقدَّسة.
«مع يسوع وخلاله فقط»، نجد السّلام مع أنفسنا. لأنّنا نرى أنفسنا في مرآة الله، بدلاً من الاعتماد على رؤية وآراء الآخرين فينا، تلك التي تحكمها المصالح أو الظّروف المتغيرة.
«مع يسوع وخلاله فقط»، نجد السّلام في علاقتنا مع الآخرين، لأنّنا سنرى النّاس من خلال عيون الله. متذكرين أنَّ الله أحبنا أوّلاً، وتنمو فينا الرّغبة في تقديم الحب للآخرين. حينها يَملُك في قُلُوبِنا سَلاَمُ المَسيحِ، فنختبر ونعيش السّلام الحقيقيّ.
(المُحرِّر: نون زين)