من المسؤول عن الانتحار؟
الهدى 1224 أكتوبر 2020
لقد لفت نظري في قصة جحا والحمار، أنه حينما جعل جحا تركيز حياته على كلام الناس (سواء الإيجابي أو السلبي) صار يحمل الحمار في الشارع.
ولقد لفت نظري أن اليابان من أعلى معدلات الانتحار في العالم تحتل المركز الثالث، وفي دراسة أكاديمية نقلًا عن موقع BBC الإنجليزية عام ٢٠١٥، أكدَّت أن أهم الأسباب التي تؤدي لارتفاع حالات الانتحار في اليابان هي حالات العزلة التي يواجهها كبار السن وليس من يهتم بهم، او العزلة الناتجة عن التعامل مع التكنولوجيا لفترات طويلة، وضعف بناء العلاقات المشبعة.
هناك أسباب عديدة فعلا لقضية الانتحار، منها الاجتماعي، ومنها الاقتصادي، ومنها الفسيولوجي، …… لكن يبقى المدخل الأهم لهذه القضية هو ما الاساسات التي يبني الإنسان عليها حياته وطرق فهمه لاستقبال الضغوط:
١. لابد أن يكون الأساس الذي تبني عليه ثابتًا، ومتاحًا (حتى أن تغيرت كل الظروف المحيطة).
٢. لابد أن يكون الأساس قادرًا على مواجهة كل الضغوط.
٣. لابد أن يجيب الأساس عن غرض الحياة.
ويمكن أن يعتقد البعض أننا يمكن أن نجد هذه الاساسات بعيدًا عن العلاقة مع الله ؟؟
١ • ربما تبدو على حق، يمكنك أن تجد السعادة الوقتية دون الحاجة إلى الله في حياتك، ويتمتع الكثير من الناس بالثروة المالية، والأسرة المحبة، ومشاكل قليلة في الحياة، والبعض يتعاطى المخدرات، الشهوة، والإباحية ليعطينا إحساسًا زائفًا بالفرح والسلام، ثم نستيقظ في صباح اليوم التالي، وما زلنا نشعر بالاكتئاب والقلق وعدم الرضا، ومع ذلك، بغض النظر عن مقدار السعادة التي لديك الآن، فإن حياتك ستكون أكثر إشباعًا حينما يكون الله فيها، فلقد قال اوغسطينوس «يا الله لقد خلقتنا لذاتك ونفوسنا لن تجد راحة الا فيك» كلنا خلقنا من قبل الله، لقد خُلِقنا لنكون في شركة معه، بمجرد أن يكون الله في حياتك، ستصبح علاقاتك مع عائلتك أفضل وأقوى، ستعرف هدفك في الحياة، لن تحتاج إلى المخدرات وغيرها.
٢• معرفة الله تحدث فرقًا كبيرًا، أنه مثل ركوب دراجة ثلاثية العجلات يبدو ممتعًا للطفل، ولكن في وقت لاحق إذا كبر هذا الطفل وقاد سيارة jeep، فإن الدراجة ثلاثية العجلات تبدو مملة جدًا، قد تعتقد أنك قد حصلت على كل ما تريده في الحياة، ولكن اعلم أنك قد تقول ذلك من منظور شخص يركب دراجة ثلاثية العجلات.
٣• الله هو من لديه الإجابة الأكثر وضوحًا عن غرض الحياة (أفسس ١٠:٢) «لقد خلقنا لأعمال صالحة تم إعدادها قبل تأسيس العالم فهي ليست خاضعة لتغير الظروف لأن الله قادر أن يكمل العمل الذي يبداه في من يتبعه (فيلبي ٥:١)، (يوحنا 4: 13-14؛ 35:6)، كما اننا لسنا مجرد كائنات مادية، نحن كائنات روحية أيضًا، الله وحده هو من يستطيع أن يشبع جوعنا وعطشنا الروحي بالكامل، وبينما قد نكون سعداء ظاهريًا بدون الله، إلا أنه من خلال معرفة الله يمكننا أن نحصل على الفرح والسلام والرضا الحقيقي.
٤• نرى في طريقة تعامل الله مع الإنسان عبر تاريخ الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة عبر العصور روعة القبول غير المشروط (تثنية ٧:٧، ٢أخبار ١٣:٣٣، ٢صموئيل ١٣:١٢، لوقا ٥٠:٧، يوحنا ١٢:٨)، فالله هو الوحيد الذي لن يخونك أو يؤذيك أو يخيب آمالك، لا يتهمك ولا يدينك، حمل خطاياك على الصليب، إنه الخبز والماء الحي من السماء.
٥ • الله وحده هو القادر على مواجهة كل أشكال الضغوط الإنسانية (عبرانيين ١٥:٢) هزم الخوف من الموت، مزمور ٢٥:٣٧ والخوف من الغد، (يوحنا ٢٥:١١، ٣٥ وتقديم التعزية للمشاعر والفكر، تكوين ٢٠:٥٠، (تكوين ٢٦ خلق القدرة على الغفران إزاء الآخرين، (عبرانيين ٥:١٣- ٦ والخوف من الوحدة، (لوقا ١:١٩ – ١٠) والبحث عن القيمة، (يوحنا ٢٩:٤ والشعور بالذنب، (١ملوك ١٥:١٩- ١٨) والاكتئاب، وغيرها من الضغوط الذي في جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا (رومية ٣٧:٨).
٦• أن الميراث السلبي عن العلاقة مع الله من خلال أناس لم يفهموها أو شوهوا صورتها، أو لم يبالوا بها كما أسسها الله، ليس هذا مبررًا لرفض اختيار الله والعلاقة معه كأساس أمثل وأيسر للحياة، نعم هناك من يدعون أنهم يملكون هذا الأساس ولكنهم ليسوا كذلك، لذا قال المسيح محذرًا «لا تهتموا بأفعالهم، لكن خذوا كلامهم الحق عن الله وعيشوا به» (متى ٣:٢٣).
ادع الرب خلال التجارب في حياتك وسيملأ قلبك بالفرح والسلام، السعادة هي حقا هبة من الله ولا يمكن العثور عليها إلا من خلاله. لقد خلقنا الله من أجل السعادة، والطريقة الوحيدة التي سنجد بها السعادة الحقيقية في هذا العالم هي عندما نجد قوتنا فيه، ونثق في كلمته ونحب الآخرين بلا أنانية، سنجد أن السعادة ليست بعيدة المنال إنها هدية من إله يسره فرح أولاده.