كلمات وكلمات يوليو وأغسطس 2020
الهدى 1222 يوليو وأغسطس 2020
في يوم الأحد 26 يوليو 2020 م توجهت إلى جامعة الزقازيق معهد الدراسات والبحوث الآسيوية لمقارنة الأديان، والذي صدر مؤخرًا قرارًا من رئاسة الوزراء بتغيير اسمه إلى كليّة الدراسات لمقارنة الأديان، والذى أقوم بالتدريس به منذ أكثر من سبع سنوات في قسم مقارنة الأديان والتي ترأسه أ. د. هدى درويش وهى شخصية عامة معروفة على مستوى الجامعة بجوار نشاطها الاجتماعي والثقافي المتميز وهى التي دعتني للقيام بهذه المهمة لأول مرة في التاريخ المصري، أن يقوم أستاذ مسيحي بتدريس مادة المسيحية في معهد معظم الدارسين به رجال دين إسلامي، وقد اعتمدت في المنهج المقدم على كتابي «المسيحيون بين الوطن والمقدس – الدور والمصير»، والذى أصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب من حوالى عشر سنوات أحكى فيه عن تاريخ المسيحية والمسيحيين في مصر من القرن الأول وحتى القرن الحادي والعشرين.
كنت في منتهى السعادة وأنا في طريقي، لأني لم ألتق بزملائي ولا تلاميذي هذا العام بسبب الكورونا، وأرسلت لهم الامتحان باليد، وبقيَّ أن أذهب لتصحيح الإجابات، التقيت بالأساتذة العظام هناك، وبعض الطلبة لأنه صادف مناقشة رسالة ماجستير وأردت أن أشارككم الامتحان.
جامعة الزقازيق.
معهد الدراسات والبحوث الآسيوية.
مادة الفرق والمذاهب.
أولًا: أجب على السؤال التالي:
«كان لجائحة الكورونا تأثيرًا سلبيًا ضخمًا على الإنسانيّة جمعاء، فلم تسلم منه دول الغرب أو الشرق، الشمال أو الجنوب إلا القليل النادر، ولقد أصاب الوباء الكثيرين من البشر بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم وطوائفهم، وأصاب أيضا معظم الأعراق والجنسيات.
بماذا تفسر هذه الجائحة؟ هل هي غضب من الله بسبب شر الإنسان؟ أم أنه امتحان للمؤمنين به؟ أم أن الفيروس تخَّلق بسبب تجارب علمية معملية غير قانونية في معامل الصين البحثية؟ أم بسبب القذارة والإهمال؟ أم لأسباب أخرى في رأيك؟ وهل هناك دور لرجال الدين عليهم أن يؤدونه في هذه الحالات من خلال علاقاتهم القوية والمتينة مع الناس المحيطين بهم أو الذين يخدمونهم ويرشدونهم دينيًا؟
ثانيًا: أجب على سؤالين مما يلي:
السؤال الأول: هل كان يوجد مسيحيون عرب قبل الإسلام؟ وإذا كان تُرى في أي مناطق؟ وما هي الأخطاء التي ارتكبتها المؤسسة الكنسية عند دخولها مصر ضد الثقافة المصرية القديمة وتراث مدرسة الإسكندرية العظيم في القرن الثالث الميلادي بالتحديد؟
السؤال الثاني:
ماذا كان موقف الخلافة العباسية من المسيحيين العرب؟ وما الدور المتفرد الذي قام به المسيحيون أثناء الخلافة العباسية؟
مع ذكر بعض الأسماء والإنجازات.
السؤال الثالث:
ما هو في رأيك الدور الذي يجب أن يقوم به المصريون المسيحيون المعاصرون نحو وطنهم؟
خبرة رعوية
خبرتي الرعوية بدأت في عزبة صغيرة جدًا ضمن سبع عزب، حيث –كما ذكرت سابقًا– لم تدخلها الكهرباء، والعجيب في الأمر أو قل الإعجاز لم أكن متوقعًا أن أستمر أكثر من شهر لأني لم أتدرب في أي مكان طوال الثلاث صيفيات السابقة والتي كانت إجبارية على طالب اللاهوت والحقيقة تعلمت فيهم (شعب الكنيسة) وتعلموا في لأني أول راعٍ أرتسم على كنيستهم، وكانت هذه الأيام من أحلى أيام حياتي فقد كنت عضوًا في كل أسرة. بعد تسع سنوات كانت لحظة الفراق مؤلمة، ذهبت إلى كنيسة المركز حيث كنت أكثر خبرة ، لكن كان هناك من الشيوخ من كان أكثر خبرة مني، انتقالي من الريف إلى المدينة ثم القاهرة بعد سنتين من المدينة لم يكن صعبًا، أيضا كنيسة القاهرة الأولى التي ذهبت إليها تعاملوا معي كابن وأخ وأب، وفٌتحت أمامي أبواب كلية اللاهوت كمدرس غير متفرغ لمدة سبع سنوات ،ثم تفرغت كأستاذ متفرغ ومدير لكلية اللاهوت من بداية التسعينات حتى نهايتها، هناك مارست الإدارة التي تختلف كثيرًا عن إدارة الكنائس، ومن خلال كلية اللاهوت صار لي شبكة علاقات ضخمة داخل وخارج مصر، سافرت للخارج كما لم أسافر من قبل بسبب الارتباطات الأكاديميّة من ناحية والمشروع الضخم لبيت الطلبة من الناحية الأخرى، وتركت الكلية في نهاية التسعينات بعد الاختلاف مع أستاذي إداريًا والذى كان رئيسًا لمجلس إدارة الكلية. وارتبطت بأحد أكبر كنائس القاهرة حيث عدت للرعاية مع التدريس ، فكنت أمارس العمل الكنسي الرعوى وفي ذات الوقت التدريس في أكثر من كلية لاهوت داخل وخارج مصر، وكنت قد نضجت تمامًا وبعد 12 سنة رعاية أيضٍا اختلفت مع شباب الكنيسة بعد ثورة 25 يناير وفضَّلت الترك لأتفرغ للعمل العام، وهكذا صرت على مدى خدمتي راعيًا وقسيسًا وأستاذًا حرًا، واستمتعت جدًا بعد كل ذلك بتطوير مجلس الإعلام والنشر، وهكذا ما حلمت به في الريف والمدينة حققته، وما حلمت به في كنائس القاهرة حققته، وما حلمت به لكلية اللاهوت حققته، وما أحلم به للإعلام في السنودس حققت منه الكثير تحقق حلم المكتبة، وتلاه تحقيق حلم المطبعة وأخيرًا وضعنا أيدينا لتحقيق حلمنا الضخم الأستوديو.
لم تكن الخدمة أبدًا سهلة بسهولة ما كتبته، لم تكن البداية في أي حقل من حقول الخدمة سهلة ولا النهاية أيضًا. لذلك سوف أحكى لك –عزيزي القارئ– بالتفصيل على مدى الأعداد القادمة عن كل مكان ذهبت إليه، ما هي امتيازاته وعيوبه –من وجهة نظري– وما حققته وما لم أستطع تحقيقه لننتهي في النهاية إلى تصور كامل عن خدمة كنيستنا وما تحقق منها وما نريده وما نتمناه.
حكاية لاهوتية
كان حديث الأستاذ عن الخبرة الروحيّة للخادم في علاقته بالرب، وبعد كم عام في حقل الخدمة يصبح خادمًا مغوارًا لا يَشُق له غبار.
قال طالب: من المهم خبرة الملء بالروح القدس يوم الخمسين.
قال طالب آخر: لو أن الخمسمائة يوم الخمسين ثبتوا في الإيمان، لملأت المسيحيّة العالم في عام، ادرسوا الفارق الزمني بين لحظة لقاء الخادم بيسوع أولًا، ولحظة انطلاقه في الخدمة ثانيًا، ومتى نقول إنّه حقق الهدف من دعوته.
وهل تُحسب الخدمة بالكم أي بعدد السنين أم بالكيف أي نوعيّة الخدمة؟
عدد السنين أم التأثير، والإنجاز، ولا أقصد هنا التأثير العاطفي لكن التأثير الحقيقي.
سؤال: مَن مِن أنبياء العهد القديم وتلاميذ العهد الجديد كان الأكثر في سنين الخدمة؟ ومن منهم كان الأقل؟ أجاب تلميذ الأقل أظنه أندراوس الرسول والأكثر في عدد السنين، كان يوحنا.
قال الأستاذ، السؤال هنا: مَن هو الأقل في ثمار الخدمة، ومَن هو الأكثر ثمرًا، المعادلة هنا التي نريد إيضاحها هي العلاقة بين الزمن سنين عمر الخادم وكم ونوعية الثمر الذي أنتجه قال. تلميذ بالطبع الذي خدم سنين كثيرة كانت ثماره أكثر وأعظم.
خرج تلميذ من مكانه وأمسك طبشورة قائلًا: سأقوم بمحاولة لحساب عدد السنين (الكم) مع انتاج الخدم (الكيف)
بطرس: 65 % مثلًا،
قال آخر: توما 70 % مثلًا،
ثالث: بولس 80 % مثلًا،
رابع: يوحنا 90 % مثلًا،
النتيجة في كل الأحوال، أنَّ الجميع قدَّم أقصى وأفضل ما عنده بغض النظر كمًا أو كيفًا.
جمع الأستاذ أوراقه ووضعها في حقيبته وهو في طريق خروجه سمع التلميذ الأصغر يصرخ مصفقًا: يسوع 10 %؛ ثلاث سنوات خدمة من ثلاثة وثلاثين سنة عمرًا (لقد انتر الكيف على الكم).
مختارات
في هذا الزمن المجنون
إما أن تغدو دجالًا
أو تصبح بئرًا من أحزان
لا تفتح بابك للفئران
كي يبقى فيك الإنسان
فاروق جويدة