نبضات تنويرية
الهدى سبتمبر 2014
القس رفعت فكري
منذ بضع أعوام تلقيت دعوة من دار الثقافة التابعة للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية لحضور حفل افتتاح فيلم دمشق تتكلم (بولس الرسول) الذي أنتجته مؤسسة المحبة للإنتاج الفني, وكان الحفل في دار الأوبرا المصرية وحضره الكثير من المثقفين ورجال الفكر المصريين, بالإضافة لعدد من الشخصيات السورية والعربية, وكان ضمن الحضور مخرج العمل خالد الخالد وكاتبة السيناريو ميساء سلوم , وكان جوهر التفكير والسبب الرئيسي لإطلاق هذا الفيلم الفيلم الدرامي الوثائقي السوري, المقولة التي كثيراً مايرددها الرئيس السوري بشار الأسد” إن كانت فلسطين مهد السيد المسيح فإن سورية هي مهد الرسالة المسيحية” وفيلم “دمشق تتكلم” يحكي قصة ذلك الرجل اليهودي المتعصب والمتطرف دينياً والمضطهد المستبد شاول الطرسوسي, والذي ظهر له السيد المسيح بطريقة معجزية وهو في طريقه إلى دمشق العاصمة السورية, أقدم مدينة مأهولة في التاريخ وتحديداً في “تل كوكب” ليضطهد المسيحيين ويقتلهم ويسفك دماءهم هناك, فإذا به يلقي سيفه جانباً ويدخل دمشق شخصاً جديداً مختلفاً, يدعو للحب والتسامح والسلام, وينبذ التعصب والكراهية ورفض الآخر, والرائع في الفيلم هو تصوير الأحداث في ذات الأماكن التي حدثت فيها سواء في دمشق أو خارجها بدراما وتقنيات عالية جداً, وأيضاً مزجه بين الأصالة والمعاصرة, فبينما صُورت المشاهد في نفس المواقع التي جرت فيها الأحداث, نجد مشاهد الفيلم تلقي الضوء على هذه الأماكن كما هي الآن في وضعها الراهن, فبينما يصور لنا الفيلم دمشق القديمة وكيف جرت فيها أحداث التاريخ, نجد الكاميرا وهي تنقل لنا صور الكنائس الجميلة والجديدة التي بُنيت في ذات الأماكن التي مر بها شاول الطرسرسي, ويبدأ الفيلم بموافقة شاول الطرسوسي على رجم استفانوس أول شهيد في المسيحية ففي سفر أعمال الرسل 6 : 8-14 يقول الكتاب المقدس “وكانَ إستفانُوسُ مُمتلِئًا مِنَ النِّعمَةِ والقُدرَةِ، فأخَذَ يَصنَعُ العَجائِبَ والآياتِ العَظيمةَ بَينَ الشَّعبِ. فقامَ بَعضُ أعضاءِ المَجمَعِ المَعروفِ بِمَجمَعِ العَبـيدِ المُحَرَّرِينَ، ويَهودٌ مِنْ قِيرينَ والإسكَندرِيّةِ، وسِواهُم مِنْ كيليكيةَ وآسيةَ، وأخَذوا يُجادِلونَ إستِفانوسَ، ولكِنَ الرُّوحَ أعطى إستِفانوسَ مِنَ الحِكمةِ ما جعَلَهُم عاجِزينَ عَنْ مُقاوَمَتِهِ، فَرَشَوا بَعضَ النـاسِ ليَقولوا: سَمِعنا هذا الرَّجُلَ يُجَدِّفُ على موسى وعلى الله! فهَيَّجوا الشَّعبَ والشُّيوخَ ومُعَلِّمي الشَّريعةِ. ثُمَ باغَتُوهُ وخَطفُوهُ وجاؤوا بِه إلى المَجلِسِ. وأحضَروا شهودَ زورٍ يَقولونَ: هذا الرَّجُلُ لا يكُفُّ عَنْ شَتْمِ الهَيكَلِ المُقَدَّسِ والشَّريعةِ. ونَحنُ سَمِعناهُ يَقولُ: سيَهدِمُ يَسوعُ النـاصريُّ هذا المكانَ ويُغيِّرُ التقاليدَ التي ورِثناها عَنْ موسى” ومن نفس السفر في أصحاح 7 : 54 – 60 فلمَّا سَمِعَ أعضاءُ المجلِسِ كلامَ إستِفانوسَ مَلأَ الغيظُ قُلوبَهُم وصَرَفوا علَيهِ بأسنانِهِم. فنَظَرَ إلى السَّماءِ، وهوَ مُمتلئٌ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، فرَأى مَجدَ الله ويَسوعَ واقِفًا عَنْ يَمينِ الله. فقالَ: أرى السَّماءَ مَفتوحَةً واَبنَ الإنسانِ واقِفًا عَنْ يَمينِ الله! فصاحوا بأعلى أصواتِهِم، وسَدُّوا آذانَهُم، وهَجَمُوا علَيهِ كُلُّهُم دَفعةً واحِدةً، فأخرَجوهُ مِنَ المدينةِ ليَرجمُوه. وخلَعَ الشُّهودُ ثيابَهُم ووَضَعوها أمانَةً عِندَ قَدَمي فَتًى اَسْمُهُ شاوُلُ. وأخَذوا يَرجُمونَ إستِفانوسَ وهوَ يَدعو، فَيقولُ: أيُّها الرَّبُّ يَسوعُ، تَقبَّلْ رُوحي! وسَجَدَ وصاحَ بأعلى صوتِهِ: يا رَبُّ، لا تَحسُبْ علَيهِم هذِهِ الخطيئَةَ! قالَ هذا وماتَ”, وعن موقف شاول من هذا الجرم يقول سفر أعمال الرسل 8 :1 وكانَ شاوُلُ مُوافِقًا على قَتلِ إستِفانوسَ. وبَدأَت كَنيسةُ أُورُشليمَ تُعاني اَضْطهادًا شديدًا، فَتَشَتَّتَ المُؤمنونَ كُلُّهُم، ما عَدا الرُّسُلَ، في نواحي اليَهوديَّةِ والسَّامِرَةِ. وبسبب حقد شاول وكراهيته الشديدة للمسيحيين لم يكتف بقتل استفانوس بل طلب السفر إلى دمشق, يقول سفر أعمال الرسل 9 : 1 – 19 أمَّا شاولُ، فكانَ يَنفُثُ صَدرُهُ تَهديدًا وتَقتيلاً لِتلاميذِ الرَّبِّ. فذهَبَ إلى رَئيسِ الكَهنَةِ وطلَبَ مِنهُ رسائِلَ إلى مجامِـعِ دِمَشقَ، ليَعتَقِلَ الرِّجالَ والنِّساءَ الذينَ يَجدُهُم هُناكَ على مَذهَبِ الرَّبِّ ويَجيءَ بِهِم إلى أُورُشليمَ.وبَينَما هوَ يَقتَرِبُ مِنْ دِمَشقَ، سَطَعَ حَولَهُ بغتةً نُورٌ مِنَ السَّماءِ، فوقَعَ إلى الأرضِ، وسَمِعَ صَوتًا يَقولُ لَه: شاوُلُ، شاوُلُ، لِماذا تَضطَهِدُني؟ فقالَ شاوُلُ: مَنْ أنتَ، يا ربُّ؟ فأجابَهُ الصوتُ: أنا يَسوعُ الذي أنتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ علَيكَ أنْ تُقاوِمَني.فقالَ وهوَ مُرتَعِبٌ خائِفِ: يا ربُّ، ماذا تُريدُ أن أعمَلَ؟ فقالَ لَه الرَّبُّ: «قُمْ واَدخُلِ المدينةَ، وهُناكَ يُقالُ لَكَ ما يَجبُ أنْ تَعمَلَ.وأمَّا رِفاقُ شاوُلَ فوَقَفوا حائِرينَ يَسمَعونَ الصَّوتَ ولا يُشاهِدونَ أحدًا. فنهَضَ شاوُلُ عَنِ الأرضِ وفتَحَ عَينَيهِ وهوَ لا يُبصِرُ شيئًا. فقادوهُ بِـيَدِهِ إلى دِمَشقَ. فبَقِيَ ثلاثةَ أيّامِ مكفوفَ البَصَرِ لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ.وكانَ في دِمَشقَ تِلميذٌ اَسمُهُ حَنانيَّا. فناداهُ الرَّبُّ في الرُؤيا: يا حَنانيَّا! أجابَهُ: نعم، يا ربُّ! فقالَ لَه الرَّبُّ: قُمِ اَذهَبْ إلى الشـارِعِ المَعروفِ بالمستَقيمِ، _ وهو سوق مدحت باشا حالياً – واَسألْ في بَيتِ يَهوذا عَنْ رَجُلٍ مِنْ طَرسوسَ اَسمُهُ شاوُلُ. وهوَ الآنَ يُصلِّي، فيَرى في الرُؤيا رَجُلاً اَسمُهُ حنانيَّا يَدخُلُ ويَضَعُ يَدَيهِ علَيهِ فيُبصرُ.فأجابَهُ حنانيَّا: يا ربُّ، أخبَرَني كثيرٌ مِنَ النـاسِ كم أساءَ هذا الرَّجُلُ إلى قِدِّيسيكَ في أُورُشليمَ. وهوَ هُنا الآنَ ولَه سُلْطَةِ مِنْ رُؤساءِ الكَهنَةِ أنْ يَعتَقِلَ كُلَ مَنْ يَدعو باَسمِكَ.فقالَ لَه الرَّبُّ: إذهَبْ، لأنِّي اَختَرتُهُ رَسولاً لي يَحمِلُ اَسمي إلى الأُمَمِ والمُلوكِ وبَني إِسرائيلَ. وسأُريهِ كم يَجبُ أنْ يَتَحَمَّلَ مِنَ الآلامِ في سبيلِ اَسمي.فذهَبَ حنانيَّا ودخَلَ البَيتَ ووضَعَ يَدَيهِ على شاوُلَ وقالَ: يا أخي شاوُلُ، أرسَلَني إلَيكَ الرَّبُّ يَسوعُ الذي ظهَرَ لَكَ وأنتَ في الطَّريقِ التي جِئتَ مِنها، حتى يَعودَ البَصَرُ إلَيكَ وتَمتلئ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ فتَساقَطَ مِنْ عَينَيهِ ما يُشبِهُ القُشُورَ، وعادَ البَصَرُ إلَيهِ، فقامَ وتَعَمَّدَ. ثُمَ أكَلَ، فعادَت إلَيهِ قِواهُ ومن ذلك اليوم أصبح بولس من أعظم المبشرين بالمسيحية سواء في دمشق أو خارجها, فبعد أن نشأ متعصباً لعقيدته وديانته إلى حد اضطهاد من يخالفونه فيها غير السيد المسيح حياته وهو في طريقه إلى دمشق, فمن علياء سمائها أشرق عليه نور الحق لينزع عصابة عينيه وليشرق في بصيرة روحه وليضئ ظلمة قلبه وليصبح أعظم سفير للسيد المسيح مر على تاريخ البشرية وعلى مدى الأجيال, وينتهي فيلم دمشق تتكلم بكلمات شاول الإرهابي – عفوا – أقصد الرسول بولس التي كتبها لكنيسة كورنثوس أصحاح 13 : 1- 8 “لَو تَكَلَّمتُ بِلُغاتِ الناسِ والملائِكَةِ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما أنا إلاّ نُحاسٌ يَطِنُّ أو صَنْجٌ يَرِنُّ.ولَو وهَبَني الله النُبوَّةَ وكُنتُ عارِفًا كُلَ سِرٍّ وكُلَ عِلمِ، وليَ الإيمانُ الكامِلُ أنقُلُ بِه الجِبالَ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما أنا بِشَيءٍ.ولَو فَرَّقْتُ جميعَ أموالي وسَلَّمْتُ جَسَدي حتى أفتَخِرَ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما يَنفَعُني شيءٌ.المَحبَّةُ تَصبِرُ وتَرفُقُ، المَحبَّةُ لاتَعرِفُ الحَسَدَ ولا التَفاخُرَ ولا الكِبرِياءَ.المَحبَّةُ لا تُسيءُ التَّصَرُّفَ، ولا تَطلُبُ مَنفعَتَها، ولا تَحتَدُّ ولا تَظُنُّ السّوءَ. المَحبَّةُ لا تَفرَحُ بِالظُّلمِ، بَلْ تَفرَحُ بالحَقِّ. المَحبَّةُ تَصفَحُ عَنْ كُلِّ شيءٍ، وتُصَدِّقُ كُلَ شيءٍ، وتَرجو كُلَ شيءٍ، وتَصبِرُ على كُلِّ شيءٍ.المَحبَّةُ لا تَزولُ أبَدًا”. إن دمشق لازالت تتكلم ولازالت تعلن وتصرخ بأعلى صوت إن أعتى الإرهابيين سواء كانوا ينتمون لتنظيم داعش أو غيره من التنظيمات الإرهابية يمكن أن يتغيروا ويصبحون دعاة للحب والسلام, فهل من مُصدق ؟!!
كتاب يستحق القراءة
“الله والإلحاد الدليل المختصر للأسئلة حول وجود الله” هو كتاب قيم من تأليف الصديق العزيز والزميل الواعد القس الدكتور أمير ثروت, والكتاب يتضمن عدة فصول تحمل عناوين: إله في علبة, الله أنكروه بالعقل, الله قد مات, الدين اختراع بشري, الكتب المقدسة المتطورة, العلم نور, لا إله إلا المادة, أعطني حريتي, أما يهمك أننا نهلك, استحالة الإلحاد, الله في الإنسان, كما يتضمن الكتاب عدة ملاحق: أسئلة يجب أن يجيب عنها الملحد, أسئلة يجب أن يجيب عنها المؤمن, الدليل المختصر للأسئلة حول وجود الله, ملحدون يؤمنون. هذا الكتاب لاغنى عنه لكل خادم ولكل باحث سواء كان مؤمناً بوجود الله أو منكراً لوجوده, ولاسيما في هذا العصر الذي علت فيه موجة الإلحاد, وزاد وكثر فيه عدد الملحدين سواء كانوا من خلفيات إسلامية أو خلفيات مسيحية.
الخمر الجديدة والزقاق العتيقة
لائحة المجلس الملي الإنجيلي هي لائحة بالية وعتيقة وعفا عليها الزمن منذ زمن وهذه اللائحة تحتاج إلى تعديل جذري ومن غير المناسب أن تجرى انتخابات لرئيس الطائفة ونائبه وفقاً لهذه اللائحة البالية العتيقة إننا نطالب بلائحة جديدة فالمجتمع المصري تغير وتطور خلال السنوات الثلاث الماضية ومن غير اللائق أن يتغير المجتمع ويتغير دستوره وتبقى الطائفة الإنجيلية محلك سر تحقيقاً لرغبة ومصالح عدد من الأفراد, كفانا مجاملات لا تصب في المصلحة العامة للكنيسة, إنني أطالب بتأجيل انتخابات رئيس الطائفة ونائبه لمدة عام لحين تعديل اللائحة من أشخاص محايدين وليس لديهم أية مصالح, لماذا العجلة؟!! ولماذا نضع الخمر الجديدة في الزقاق العتيقة؟!!
عيب
ظاهرة غريبة بدأت تنتشر بين بعض القسوس الأجلاء ممن يحتلون مراكز ومناصب سنودسية, هذه الظاهرة تتلخص في عدم رد هؤلاء القسوس على مكالمات بعض زملائهم, بالطبع نحن نقدر كثرة المشغوليات وعظم المسؤوليات, ونقدر ضرورة التركيز في اللجان والاجتماعات الكثيرة والمختلفة والمتنوعة, ولكن كل هذا لا يمنع من معاودة الاتصال بالزملاء الذين سبق واتصلوا, بدلاً من هذا التجاهل الذي لايليق بقادة ومسؤولين, وإذا كان هذا التجاهل يحدث مع قسوس زملاء, فماذا عن المواطنين البسطاء الذين تكون لديهم مشكلات ويتصلون بهولاء القسوس لأنهم يحتاجون لمن يسمعهم ويرشدهم من حضرات الأجلاء الذين ليس لديهم وقت للرد؟ ليس لدي ما أقوله سوى: “عيب”.
آخر الكلام
السعادة ربما تأتيك من بعض الأشياء عند الاقتناء
ولكنها قد تأتيك أيضا عند الاستغناء
وقمة السعادة تكمن في حياة الاكتفاء .